0
لماذا لا يستجاب الدعاء ؟!



بعض موانع إجابة الدعاء :
المانع الأول : عدم تحري الحلال أكلاً، أو شرباً، أو لبساً، أو تغذية :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إن الله طيّبٌ لا يقبلُ إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَآ أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وقال: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُهُ حرامٌ، ومشربُهُ حرامٌ، وملبسُهُ حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام فأنَّى يُستجاب لذلك" ([1]) .
 ففي هذا الحديث ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أن هذا الرجل الذي لم يتحر الحلال في مطعمه وشرابه وملبسه ومعيشته قد أتى بأربعة عوامل من عوامل إجابة الدعاء هي :
الأول منها : إطالة السفر والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء كما في حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده)([2]) .
لأن السفر مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان، وتحمل المشاق، والانكسار هو ذاته الذي من أعظم أسباب إجابة الدعاء .
والثاني منها : أنه فقير ضعيف من ضعفاء الناس أشعث مُهْمَل وهذا في ذاته أيضاً له من القدر عند الله ما يحقق رجاه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ربَّ أشْعَثَ مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" .
والثالث منها : يمد يديه إلى السماء وهذا أيضاً من عوامل إجابة الدعاء وتحقيق الرجاء حيث قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين" . ([3])
والرابع منها : الإلحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيته تبارك وتعالى وهذا من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء ، ولكن مع ذلك كله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأنى يستجاب لذلك" وهذا استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد يعني الاستحالة والاستبعاد النهائي أن يُقبل له دعاء أو يتحقق له رجاء  .([4])
المانع الثاني : استعجال تحقيق الدعاء والرجاء المطلوب :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجلْ فيقول: قد دعوتُ فلم يُستجَبْ لي" .
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزالُ يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعةِ رحمٍ ما لم يستعجل". قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: "يقول قد دعوتُ، وقد دعوتُ فلم أرَ يستجيبُ لي فيستحسر عند ذلك ويدعُ الدعاءَ" ([5]) .
المانع الثالث : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأْمُرُنَّ بالمعروفِ ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يبعثَ عليكم عِقاباً منه ثمَّ تدعونَهُ فلا يُستجابُ لكم" ([6]) .
المانع الرابع : الدعاء بإثم أو قطيعة رحم :
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم ولا قطيعة رحم ما لم يستعجل ) ([7]) .
وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها أثم ولا قطيعة رحم الا أعطاه الله بها إحدى ثلاث أما أن تعجل له دعوته واما أن يدخرها له في الآخرة واما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا إذا نكثر قال الله أكثر .
المانع الخامس : ارتكاب المعاصي والذنوب :
قد يكون ارتكاب المحرمات أو المعاصي او الذنوب هي السبب المانع من إجابة الدعاء ([8]) ، ولهذا قال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طريقها بالمعاصي، وأخذ هذا بعض الشعراء فقال:
نحنُ ندعو الإله في كلِّ كربٍ : ثمَّ ننساه عند كشف الكروبِ
      كيف نرجو إجابةً لدُعاءٍ : قد سددْنا طريقها بالذنوب ([9])


([1]) صحيح : أخرجه مسلم (1015) .
([2]) حسن : أخرجه أبو داود (1536) والترمذي (1905) وابن ماجة (3862) وأحمد (2/523،517،348،258)  وابن حبان (2699) وللحديث شاهد من مسند عقبة بن عامر أخرجه أحمد (4/154) .
([3]) صحيح : أخرجه أحمد (5/438) وأبو داود (1488) والتترمذي (3865) وابن حبان (876) والحاكم (1/497) والبيهقي (2/211) .
([4])  جامع العلوم والحكم 1/196 طبعة دار ابن رجب بتصرف .
([5]) صحيح : أخرجه مسلم 4/2096.
([6]) حسن : أخرجه الترمذي (2169) ،وأحمد (5/388) ، والبغوي في شرح السنة 14/345 .
([7]) صحيح : تقدم تخريجه .
([8])  جامع العلوم والحكم 1/275.
([9])  جامع العلوم والحكم 1/377، وانظر: الحاكم 2/302 وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1805.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
تعريب وتطوير محمد محمود
شخبطة © 2011 | عودة الى الاعلى
محمد محمود