0
مشروع النهضة عند علي عبد الرازق

علي عبد الرازق (1888-1966) :

ولد في قرية من قرى مصر الوسطى ولما بلغ العاشرة دخل الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده وفي عام 1910 دخل الجامعة المصرية لمدة عامين وحضر دروس نلينو في تاريخ الأدب العربي وسانتيلانا في تاريخ الفلسفة ، وفي عام 1911 حصل على العالمية ، وسافر إلى إنجلترا لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية ثم عاد إلى مصر بسبب نشوب الحرب ، وعين قاضياً في المحاكم الشرعية ، ولما نشر كتابه الإسلام وأصول الحكم قامت عليه اعتراضات شديدة واجتمعت هيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر وقررت عزله من زمرة العلماء ومن القضاء فعاش بعد ذلك عيشة منزوية حتى وفاته .
لقد كان يمكن لدعوى العلمانية ألا تجد صدى بين الناس لو أنها لم تجد في شيخ أزهري مثل علي عبد الرازق نصيراً جريئاً لم يكتف بمجرد الدعوة وإنما ذهب إلى درجة الاعتقاد أن النصوص الشرعية تدعم قوله .
جاءت دعوى عبد الرازق بعد عام واحد من إلغاء الأتراك العثمانيين للخلافة فأثرت موجة شديدة من الردود والانتقادات ، وقد انطوت دعواه على دعوتين :
أولاً : فصل الشريعة عن النظام السياسي .
ثانياً : جعل نظام الخلافة ونظام القضاء على نظم غير إسلامية .
ويلزم عن الدعوى رد الحياة السياسية والاجتماعية بعد تحريرها من الدين إلى دائرة العلم الوضعي ، وهذا هوسبيل النهضة والتقدم عند عبد الرازق حيث قال " لا شئ في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع والسياسة كلها وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا به واستكانوا إليه " ([1]) .
وقد لخص عبد الرازق دعوته في القول بأن الدين الإسلامي برئ من الخلافة وأنها ليست في شئ من الخطط الدينية ولا القضاء ولا غيرها من وظائف الحكم ومراكز الدولة وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها لم يعرفها ولم ينكرها ([2]) .
لا شك في أن أدلة عبد الرازق لا تقوى أبداً أمام النقد الرصين ، فالزعم بأن الخطط والقواعد الإسلامية المتصلة بالجهاد والزكاة والغنائم والفئ والخراج وإقامة الحدود والقضاء أمور لا شأن لخا جميعاً بالدين هو تحد صريح لمعطيات النصوص الدينية والوقائع التاريخية الإسلامية ، أما القول بأن الدنيا أهون عند الله من أن يشغل بها فهو قول لا يكتسب قيمته في إطار ديني أو فلسفي إلا في سياق نظرة صوفية خالصة ، وأما القول أن النبي كان رسولاً يسمو على كل اهتمام اجتماعي وسياسي دنيوي وأن المسلمين قد انحرفوا برسالته وحرفوها فهو معادل للقول إن المسلمين لم يفهموا عن الرسول شيئاً ([3])  .
لكن لا شك أيضاً أن عبد الرازق قد كان على حق في نقده للتصور المتطرف الذي يحيط الخليفة بهالة من القوة والقداسة والسلطة التي لا حدود لها .
والحقيقة هي أن ما يؤخذ على عبد الرازق يمكن أن يرتد إلى أمرين :
الأول : تسخيره الشديد لقوى المنطق الجدلية والشكلية من أجل تسويغ قضية ذات أساس نفسي إرادي خالص هي رفض مبدأ الخلافة استجابة لبواعث تتصل برغبات سياسية .
الثاني : ممارسته لفضيلة الشجاعة في المنطقة الأقل خطراً تجنباً لسوء العاقبة فهو لم يجرؤ على مهاجمة رغبة سلطان مصر في التحلي بثوب الخلافة من أجل أن يحمي سلطاته بستار الدين ، ولم يجد أمامه إلا أن يثير المعركة مع الأوساط الدينية ، فبدلاً من أن يتصدى لخصمه الحقيقي ويقول له إن شروط الخلافة غير متوافرة فيه إطلاقاً ، تصدى للأوساط الدينية وزعم أن فكرة الإمامة باطلة أصلاً فأصابت الرمية الإسلام نفسه لا السلطان ([4]) .
هذا فضلاً عما أثاره بعض الباحثين أصلاً من أن الكتاب ليس من تصنيفه وإنما هو نقل غربي ، يتضح ذلك في الأفكار المنقولة واللغة الركيكة للكتاب .


(1) الإسلام وأصول الحكم ص 103 .
(2) المصدر نفسه ص 103 .
(3) أسس التقدم ص 339 .
(4) أسس التقدم ص 340 .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
تعريب وتطوير محمد محمود
شخبطة © 2011 | عودة الى الاعلى
محمد محمود