0
مشروع النهضة عند باحثة البادية



باحثة البادية : ملك حفني ناصف (1886-1918) :
كاتبة وخطيبة وشاعرة ، دخلت المدرسة السنية وتخرجت فيها وزاولت مهنة التعليم في مدارس الإناث الحكومية ثم انصرفت إلى قضايا المرأة فكان بيتها منتدى ، وأسست الاتحاد النساي التهذيبي ، وأسست في بيتها مدرسة لتعليم التمريض ، ورحلت عن ثلاثة وثلاثين عاماً .
كانت من الإصلاحيين القلال الذين يمتازون بعمق الحساسية وقوة الشعور والاستجابة لحس الواقع ، ولعل سر حكمتها يكمن في قضية واحدة تتلخص في الإصلاح الاجتماعي وإصلاح المرأة بالذات ليست في حاجة لأن تقوم على أساس نظرية في التقدم ، كما أن من العسف إصلاح المرأة من خلال الطراق والأساليب التي خبرتها المرأة الأوروبية في إطار التطور الذاتي للمدينة الغربية .
كما رأت أن قضية المرأة المسلمة ليست في حاجة إلا إلى عملية نقد اجتماعي رصين للعادات والتقاليد ، وإلى تربية المرأة وتعليمها ، أما رد مسألة التأخر برمتها إلى قضية السفور والحجاب فأمر مجاف للصواب والواقع .
ففتربية المرأة لا سفورها هو العامل الأكبر عندها للتقدم .
.ولها في ذلك عدة مواقف يمكن تلخيصها في ثلاثة :
1-  أنها اتخذت موقفاً وسطاً في قضية الحجاب والاختلاط بين التقليد والتغريب .
تقول " وإني وإن كنت رددت على المنادين بالسفور وخالفتهم في كثير مما يذهبون إليه ، فإني لم أقل قط بوجوب اتباع العادة القديمة في الحجاب بحذافيرها ، إنما أريد أن نوجد مذهباً وسطاً بين السفور الغربي والحجاب المصري القديم ..... وبالجملة أردي تعويد الناشات السفور إلى الحد الذي يبيحه الدين الإسلامي الشريف بغير شطط في تأويل معناه " ([1])
2-  قامت باحثة البادية بعملية نقد مشخص لنظام الزواج وويلاته ، ولم تكتف بتقديم اقتراحات عملية لترقية أحوال المرأة وإنما أولت المسال المتصلة بطريقة الزواج وبتعدد الزوجات والضرار وبسن الزواج والتبرج النسوي اهتماماً بالغاً فضلاً عن أخلاق الرجال والنساء على حد سواء ، ولقد وصفت وصفاً بارعاً مباد النساء الأربعة (الغيرة العمياء ، بغض أقارب الزوج ، الإسراف ، سرعة الغضب والتهديد بالفراق ) ومساو الرجال البارزة ( الطمع في مال الزوجة ، الظلم ، ازدراء المرأة )فكان ذلك إسهاماً منها في طريق بلوغ القصد الذي نصبته لنفسها .
3-  أسقطت باحثة البادية دعوى الربط بين الحجاب والسفور وبين التقدم والانحطاط ، واعتبرت أن الربط بين التقدم والسفور هو ربط مصطنع لا يخلو من قدر كبير من الإسراف .
بل هجمت هجوماً شديداً على من يربط بينهما .
تقول " فأما فريقهم الذين فتنتهم المدنية الغربية حتى خروا لها سجداً فتعليلهم في هذه المسألة من الغربية بمكان ، يقولون إن الأمة المصرية متأخرة في الفنون الجميلة وفي الآداب القومية وفي كل ش ، نعم نحن نعترف معهم بذلك ونسعى ونجد في إزالته ولكن أليس من المدهش أن نعزو ذلك التأخر للحجاب ؟ " ([2])
لكن يظهر – والله أعلم – من خلال عرض رؤيتها – خاصة في مسألة التوسط بين الحجاب والسفور – أن المسألة ليست دفاعاً عن الحجاب وإنما هي فكرة الانتقال التدريجي من الحجاب إلى السفور في مقابل فكرة الانتقال المفاج التي يأخذ بها السفوريون المتفرنجة ، يتضح ذلكمن عبارات كثيرة منها قولها " فأنا إذا لمت المنادين بالسفور فلأنهم متسرعون يريدون أن يقلبوا الكون دفعة واحدة ولا يتريثون لنيل بغيتهم بالتدريج " ([3]) .
وهذا ما عرضها للنقد العنيف من الشيخ مصطفى صبري الذي قال " ليس التدريج في السفور ولا الاستعداد له إلا تدريجاً في المفسدة وإلا استعداداً لما يجر إليه " ([4])
وإن كان الأستاذ فهمي جدعان حاول الدفاع عنها بقوله " إن التدريج الذي تتحدث عنه هو التدريج في الانتقال من العادة المتحكمة التي تتمثل في الحجاب التقليدي إلى السفور المقيد الذي يقرره الشرع " ([5])
وليس في نص كلامها ما يدل أبداً على هذا التوجيه .
وإن كانت الدعوة برمتها فيها ما فيها من الكلام الشرعي لكن يحمد لها أنها لم تكن على شاكلة قاسم أمين وغيره من السفوريين .


(1) آثار باحثة البادية ص 281-283 .
(2) آثار باحثة البادية ص 275 .
(3) آثار باحثة البادية ص 281 .
(4) قولي في المرأة ص 35 .
(5) أسس التقدم ص 473 .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
تعريب وتطوير محمد محمود
شخبطة © 2011 | عودة الى الاعلى
محمد محمود