0
مشروع النهضة عند حسن البنا



حسن البنا (1906-1949) :
ولد بالمحمودية في مديرية البحيرة بمصر وتخرج من دار العلوم وعين مدرساً في الإسماعيلية حيث أسس الخلايا الأولى لجماعة الإخوان المسلمين في عام 1928 ثم انتقل إلى القاهرة فانتقل معه المركز العام للجماعة وأسس جريدة الإخوان المسلمين لنشر دعوته ، وكان للدعوة انتشار واسع تخطت القطر المصري وانتشرت انتشاراً كبيراً في أواخر العهد الملكي بمصر ، ونم اغتيال البنا في القاهرة في فبراير 1949 .
ظهرت جماعة الإخوان المسلمين في جو مشحون بالخصومات السياسية وتناحر الأحزاب تحت خيمة الاحتلال فدعا حسن البنا إلى تصور تكاملي شامل يضم تحت جناحيه كل التجليات النظرية والعلمية للإسلام .
كان مشروع النهضة عند البنا يقوم على وحدة الأمة واتفاق كلمتها تحت رابطة واحدة لذلك استبعد مفهوم الحزب بل طالب بحل الأحزاب بسبب الخراب الذي ألحقه بمصر صراع زعاماتها الشخصية وعجزها عن تحقيق آمال الأمة ، ومن أغرب ما يمكن أن يلاحظه الباحث أن نظام الحزب الواحد الذي وضع دعائمه في مصر جمال عبد الناصر – أكبر خصم تاريخي للإخوان – هو نظام قد استلهمه عبد الناصر من أفكار البنا نفسه .
ورغم أن البنا قد استبعد مفهوم الحزب من البداية لكنه لم ينبذ بطبيعة الحال مضمون العمل الحزبي أي العمل السياسي بل انتشر في أوساط المجتمع المصري لدرجة تأسيس قوة سرية مسلحة قادرة على أن تتحول لجيش ضارب في أي لحظة ، وهذه القوة قادها المصير في النهاية إلى الصدام بقادة الثورة في عام 1954 وكان ذلك من أكبر أسباب ضعف الجماعة بل زوالها في بعض المناطق .
إذاً كان مشروع البنا للنهضة يقوم على الوحدة والاجتماع وهذه المهمة تقوم على شطرين كما يقول البنا في رسالته إلى ملك مصر وملوك بلدان العالم الإسلامي :
الشطر الأول : تخليص الأمة من قيودها السياسية حتى تنال حريتها .
الشطر الثاني : بنائها من جديد لتسلك طريقها بين الأمم وتنافس غيرها في درجات الكمال .
أما الطريق إلى ذلك فهو أحد سبيلين :
الأول : طريق الإسلام وأصوله وقواعده وحضارته ومدنيته .
الثاني : طريق الغرب ومظاهر حياته ونظمها .
وهو بكل تأكيد يأخذ بالطريق الأول وهو الطريق الوحيد الذي يجب أن تسلكه الأمة ([1]) .
وهذا يعني عنده أن الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء وهو مادة وثروة أو كسب وغنى وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة كما هو عقيدة صادقة وعبادة ([2]) .
إذاً نهضة الأمة عند البنا تتمثل في نظام يتسم بالوحدة المتجانسة وهو النظام الإسلامي ، ومع ذلك فإن البنا لم يدافع عن نظام الخلافة ولم يثر أي جدل حوله على الرغم من استخدام مصطلح الإمام من أجل الإشارة إلى المسؤول الأول في نظام الحكم ، لذلك يبدو أنه لا يرى ارتباطاً عضوياً بين مصطلح الخلافة وبين الإسلام ، كما يرى أن الأمر الجوهري في الإسلام أنه دين ينشد إقامة حكومة إسلامية تقوم على قواعد ثلاث :
الأولى : مسؤولية الحاكم بحيث تكون الحكومة مسؤولة أمام الله من ناحية وأمام البشر من ناحية ثانية إذ ليس الحاكم إلا عاملاً عند الأمة .
الثانية : وحدة الأمة في إطار من الأخوة بين أفرادها .
الثالثة : احترام إرادة الأمة إذ من حق الأمة أن تراقب حاكمها  .
وفي رأي البنا أن تطبيق هذه القواعد تطبيقاً سليما يخلق التوازن في المجتمع من خلال المراقبة التي هي وظيفة الهيئة التمثيلية للأمة ، ورغم أن النظام التمثيلي قد ورد إلينا من الغرب لكن هذا النظام يتماشى مع الفقه الإسلامي  ([3]) .
إذاً اقترب البنا اقتراباً عظيماً من التصور الديمقراطي المعمول به في الغرب فهو يقبل النظام التمثيلي نظام الانتخابات ، أما رئيس الدولة فلا يشبه قطعاً الخليفة وإنما هو مسؤول أمام الأمة وتمثيلها فهو أبعد ما يكون عن الحاكم المطلق .
كان مشروع حسن البنا للنهضة فكرة جميلة اكتملت أركانها من خلال تنظيم كامل هو جماعة الإخوان المسلمين ، لكن هذه الفكرة الجميلة لم يكتب لها التطبيق العملي حتى الآن ، حتى المرة الوحيدة التي بدأت فيها بوادر تطبيقها بعد ثورة يوليو أجهضت مرة أخرى لأسباب متداخلة ، وكان العمل السري وما تم إلصاقه بالجماعة من اغتيالات وتحركات سبباً كبيراً في تشويه صورتها وتأخر تحقيق فكرتها الجميلة .


(1) مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن لبنا ص 166 .
(2) المصدر السابق ص 7 .
(3) المصدر السابق ص 366 وما بعدها .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
تعريب وتطوير محمد محمود
شخبطة © 2011 | عودة الى الاعلى
محمد محمود