0
مشروع النهضة عند الشوكاني



محمد بن علي الشوكاني (1760-1834) :
ولد في هجرة شوكان باليمن وتعلم في صنعاء وتولى التدريس في سن مبكرة وكذلك قام بالإفتاء مبكراً من دون أن يتقاضى أجراً على غير عادة المفتين في عصره وفي عام 1209 هـ تولى القضاء الأكبر في عهد الإمام المنصور علي وبقي عليه حتى وفاته ومن أشهر مصنفاته نيل الأوطار .
رأى الإمام الشوكاني أن عملية التقدم لا تتحقق أبداً مع حصر العلم في السلف الأول لذلك ألف كتاباً ضخماً يلاحظ فيه من البداية شيوع القول باختصاص سلف هذه الأمة بإحراز فضيلة السبق في العلوم دون خلفها وبتعذر وجود مجتهد بعد المائة السادسة وقال أن " هَذِه الْمقَالة بمَكَان من الْجَهَالَة لَا يخفى على من لَهُ أدنى حَظّ من علم وأنزر نصيب من عرفان وأحقر حِصَّة من فهم لِأَنَّهَا قصر للتفضل الإلهى والفيض الربانى على بعض الْعباد دون الْبَعْض وعَلى أهل عصر دون عصر وَأَبْنَاء دهر دون دهر بِدُونِ برهَان وَلَا قرَآن على أَن هَذِه الْمقَالة المخذولة والحكاية المرذولة تَسْتَلْزِم خلو هَذِه الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة عَن قَائِم بحجج الله ومترجم عَن كِتَابه وَسنة رَسُوله ومبين لما شَرعه لعباده وذلك هو ضياع الشريعة بلا مرية " ([1])
والذي لا شك فيه عند الشوكاني هو أن الله قد تفضل على الخلف كما تفضل على السلف لا بل إنه ربما كان في أهل العصور المتأخرة من العلماء المحيطين بالمعارف العلمية على اختلاف أنواعها من يقل نظيره من أهل العصور المتقدمة . ([2])
لذلك حمل الشوكاني بعنف على التقليد والمقلدين ودعا إلى الاشتغال بعلوم الاجتهاد وإلى فتح باب الاجتهاد الذي لم تقم على سده حجة وقال أن " حدوث التمذهب بالمذاهب الأربعة إنما كان بعد انقراض الأئمة الأربعة وإنهم كانوا على نمط من تقدمهم من السلف في هجر التقليد وفي عدم الاعتداد به وأن هذه المذاهب إنما أحدثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المتهدين " ([3])
ولا شك أن هذا الموقف للإمام الشوكاني رحمه الله كان له جانبين :
الأول : أنه كان صيحة نذير في الوقت الذي كان التقليد فيه بالفعل مشكلة كبيرة أدت إلى الجمود .
الثاني : أنه على الرغم من نبل هذه الدعوة إلا أن البعض بعد الشوكاني استغل هذه المقدمة الصحيحة للوصول بها إلى نتائج غير صحيحة من الانفتاح بشكل كبير إلى حد عدم الاعتداد بالقديم والتحرر من القديم بالكلية ، وهذه ليست مشكلة الشوكاني ولكن الإشكالية أن هذا الباب ليس له ضابط .


(1) البدر الطالع ج 1 ص 2
(2) البدر الطالع ج 1 ص 3
(3) القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد ص 18

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
تعريب وتطوير محمد محمود
شخبطة © 2011 | عودة الى الاعلى
محمد محمود